قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون 55 ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون 56}
  في صحة الرؤية فنقول: لم تعلم ضرورة ولا دلالة ... إلى آخره، فيجب القطع بنفيها؛ لأنا نقول: لم يستدل أحد بهذا الدليل على نفي صحة الرؤية، فالاستدلال به خرق للإجماع، بخلاف ما قلنا، فإنا لم نزل نستدل به.
  والجواب: أنا نعارضكم بمطاعن أصحابنا في صحة رؤية الباري تعالى، وهي أقدم، ويلزم أنكم بنيتم العقلي على سمعي ضعيف، وهو أن إحداث دليل ثالث ونحوه خرق للإجماع، وهذا باطل كما تقرر في الأصول.
  هذا، وللقوم شبه عقلية تركناها؛ لظهور سقوطها. وبقي الكلام على شبهة ضرار في إثبات الحاسة السادسة.
  قال الإمام المهدي: فلعله يقول: لما كان من شرط الإدراك بهذه الحواس محاذات المدرك إياها، وذلك يستلزم جسميته أو حلوله في جسم، ويوجب أن ندركه الآن، وقد ثبت أنه تعالى يدرك يعني في الآخرة على زعمهم وجب أن يكون الإدراك بغير هذه الحواس، وهي حاسة سادسة يخلقها الله تعالى.
  والجواب: أن نقول الرؤية الحاصلة بالسادسة لا تخلو إما أن تكون ما نفعله بهذه المعروفة، أو أمر آخر سماه رؤية مخالف لما نعرف، إن كان الأول وجب حصوله بهذه الحاسة، وإلا فلا فائدة في خلق الأخرى(١)، وإن كان الثاني فخارج عن محل النزاع؛ لأنا إنما نفينا أن برى في الآخرة على مثل هذه الرؤية، فإن أراد بالرؤية العلم
(١) لأن الرؤية إذا لم تحصل بالأولى لم تحصل بهذه. تمت. مؤلف.