مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون 55 ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون 56}

صفحة 3758 - الجزء 6

  الشبهة الثالثة: أن القول بالرؤية الله تعالى لا يؤدي إلى حدوثه، ولا إلى تشبيهه، ولا إلى تكذيبه، ولا قلب ذاته، فيجب القول بصحتها.

  والجواب: بالقلب، فيقال: إن نفي الرؤية لا يؤدي إلى شيء من ذلك. فيجب أن تنتفي عنه الرؤية، وهذا يسمى قلب التسوية؛ ثم يقال لهم: إثبات كون جبريل في السماء السابعة لا يؤدي إلى حدوث الباري أو تشبيهه، ولم يجب أن يقال: هو فيها، وكذلك إثبات مدينة بين مكة والطائف لا يؤدي إلى ذلك ولم يجب القول بثبوتها.

  قال السيد مانكديم: ثم يقال لهم: إن إثبات الرؤية يؤدي إلى حدوثه وإلى حدوث معنى فيه، وإلى تشبيهه بخلقه، وإلى تجويره في حكمه، وإلى تكذيبه في خبره؛ لأن الشيء إنما يرى إذا كان مقابلًا أو في حكم المقابل، وهذه من صفات الأجسام؛ فيجب أن يكون القديم تعالى جسمًا، وإذا كان جسمًا يجب أن يكون محدثًا؛ لأن الأجسام لا تخلو من المعاني المحدثة فيؤدي إلى حدوثه، وكذلك إذا كان جسمًا تجوز عليه الحاجة، فتجوز عليه الزيادة والنقصان، وإذا جاز عليه الحاجة جاز أن يجور في حكمه ويكذب في خبره تعالى عن ذلك، فإذًا إثبات الرؤية يؤدي إلى هذه المحالات، فيجب أن تنفى عنه.

  الشبهة الرابعة: لو كان رؤيته تعالى مستحيلة لعلمت ضرورة، أو دلالة، وكلاهما منتفيان، فتنتفي الاستحالة؛ إذ لا قائل بالتجويز والشك من الأمة، أما انتفاء الضرورة فواضح، وأما انتفاء الدلالة فلما ذكرنا في أدلتكم من القوادح؛ ولا يقال: إنا نقلب عليكم