مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الباب الأول فيما يتعلق بالآيات

صفحة 361 - الجزء 1

  الحجة السادسة: وهي أول الحجج العامة⁣(⁣١) والخاصة بالمحدثات، وتحريرها أنه يمكننا أن نعقل ماهية الجسم والعرض حال مانشك في وجوده، والمعلوم غير المشكوك فيه، فوجوده زائد على ماهيته.

  الجواب: إن أردتم بقولكم أنا نعقل ماهية الجسم ... إلخ أنا نعلمها أي نتصورها، فلا نسلم إمكان تصورها مع الشك في وجودها؛ إذ التصور أحد قسمي العلم، ومعناه أنه يحصل في ذهن الإنسان صورة مطابقة لما في الخارج.

  قال (القرشي): ومنه قولهم: تصورت هذا الشيء أي علمت صورته، ثم إن التصور إما ضروري كالعلم بزيد، وإما نظري كالعلم بماهية العالم ونحوه مما لا يعلم إلا بالحد، إن كان الأول فتصور زيد أي العلم به مع الشك في وجوده محال، وأما الثاني فطرقه ثلاث: وهي الحد إن كان المطلوب العلم بالماهية مفصلاً، والرسم إن كان المطلوب مجرد تمييزها عن غيرها، والشرح وهو الحد اللفظي إن كان المطلوب العلم بها مجملاً، وكل هذه الطرق يمتنمع العلم بما أوصلت إليه مع الشك في وجوده، وإن أردتم بالتعقل معنى غير التصور كالتوهم والتخيل، فلا نسلم انفكاكها عن الصفة الوجودية بمعنى أنا لا نتصورها إلا بصورة الموجود؛ إذ يستحيل تعقل الذات خالية عن صفتها الوجودية كما يستحيل تعقل الصفة خالية عن الموصوف، وإن أردتم أنه يمكن كون تلك الصورة موجودة في الخارج وكونها معدومة، فهو راجع إلى انتفاء الماهية وثبوتها لا إلى انتفاء صفة زائدة أو ثبوتها،


(١) أي أول الحجج العامة للباري تعالى والحجج الخاصة بالمحدث وتمييزها يظهر معها. تمت مؤلف.