المسألة الثانية: [نفي الكذب عن الله تعالى]
  ودلَّ على أنه لم يكن بذلك منه عهد، ونص على أنهم قالوا ذلك لا عن علم.
  قال أبو علي: وإذا ثبت أنه ما دلهم، وثبت أنه قد دلهم على وعيد العصاة إذا كان في ذلك زجر لهم عن الذنوب فقد وجب أن يكون عذابهم دائمًا، وإذا ثبت ذلك في سائر الأمم وجب ثبوته في هذه الأمة، ولا يجوز اختلاف الحكم مع اتحاد قدر المعصية؛ لمنافاته العدل. واعترضه الرازي فقال: لا ملازمة بين كونه وعد موسى بخروج أهل الكبائر وعدم إنكاره على اليهود، فلا مانع من أن يعده بخروجهم وينكر على اليهود قولهم.
  قلنا: لو كان قد وعده بخروجهم لكانت مقالة اليهود حقًا، فلا يحسن إنكارها؛ وهذا معنى الملازمة.
  قال: وقد دل الشرع على عدم الملازمة بين ذلك من وجوه:
  أحدها: أن يقال: يجوز أن يكون الله إنما أنكر عليهم لأنهم قالوا: أيام العذاب؛ لأن قوله: {أَيَّامًا مَعْدُودَةً}[البقرة: ٨٠] يفيد ذلك، وقد روي أنهم قالوا يعذب سبعة أيام، عدد أيام الدنيا سبعة آلاف لكل ألف يوم، أخرجه ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والواحدي، عن ابن عباس، وأخرجه عبد بن حميد عن مجاهد.
  والجواب: أن هذا خلاف الظاهر، فإن ظاهر الآية سيما مع قوله تعالى بعدها: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}[البقرة: ٨١] يقتضي