مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة: [قبح القول بلا دليل]

صفحة 3788 - الجزء 6

  بهذا، ولوجب أن يقول: بلى من كفر وأحاط به كفره؛ لئلا يوقع في اللبس. لا يقال: هذا في إطله في إطلاق العام مرادًا به الخاص، وأنتم تجوزونه؛ لأنا نقول: إنما نجوزه مع نص القرينة على إرادة الخاص. لا يقال: القرينة موجودة، وهي أدلة العفو عن عصاة الأمة إما قبل دخولهم النار، أو بعد دخولهم؛ لأنا نقول: لا دليل على ذلك، وما تزعمونه دليلًا فسيأتي الجواب عليه في الآية التي بعد هذه.

  اعتراض آخر ذكره الرازي، وهو أنه لو سلم أنه ما وعد موسى بإخراج أهل الكبائر من النار. فلا يلزم منه أنه لا يخرجهم؛ لجواز أن يخرجهم وإن لم يكن منه وعد لموسى.

  وجوابه: أن المعتمد في ذلك إنكاره عليهم دعوى الخروج، وهذا لا شك أنه يلزم منه عدم خروجهم من النار؛ إذ لو كان ذلك واقعًا لم يحسن الإنكار على مدعيه.

المسألة الرابعة: [قبح القول بلا دليل]

  قوله تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨٠}⁣[البقرة] يدل على قبح القول بغير دليل، وعلى أنه باطل، ومثله قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦]، ومن دعاء زين العابدين: (وأعوذ بك أن أقول في العلم بغير علم)، وقد كرر الله في القرآن المطالبة بالحجة بنحو: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا}⁣[يونس: ٦٨] ويدل على أن ما يجوز وجوده وعدمه عقلًا لم يجز المصير إلى النفي أو الإثبات إلا بدليل سمعي.

  قلت: أو بالرجوع إلى البراءة الأصلية.