تفسير قوله تعالى: {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون 79}
  وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أن رسول الله ÷ قال لليهود: «أنشدكم بالله وبالتوراة التي أنزل الله على موسى يوم طور سيناء، من أهل النار الذين أنزلهم الله في التوراة؟» قالوا: إن ربهم غضب عليهم غضبة، فنمكث في النار أربعين ليلة ثم نخرج، فتخلفونا فيها، فقال رسول الله ÷: «كذبتم، والله لا تخلفكم فيها أبدًا» فنزل القرآن تصديقًا لقول النبي ÷ وتكذيبًا لقولهم: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ ...}[البقرة: ٨٠] إلى قوله: {وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٢٥}[البقرة].
  وأخرج أحمد، والبخاري، والدارمي، والنسائي، والبيهقي في الدلائل، عن أبي هريرة قال: لما فتحت خيبر ... وذكر حديثًا، وفي آخره: فقال لهم يعني اليهود من أهل النار؟ قالوا: نكون فيها يسيرًا ثم تخلفونا فيها، فقال لهم رسول الله ÷: «اخسؤوا، والله لا تخلفكم فيها أبدًا».
  الوجه الثاني: أن المرجئة إنما يقطعون بالعفو في الجملة، لا في حق الشخص المعين، وهؤلاء جزموا بالخروج في حق أنفسهم، وهم معينون، فكان الإنكار عليهم لذلك.
  والجواب: أن قوله: {وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٢٥}[البقرة] وما في معناه يأبى ذلك.
  الوجه الثالث: أنهم كانوا كفارًا، وعندنا أن عذاب الكافر دائم لا ينقطع، فكان الإنكار عليهم لقولهم بخروج الكافرين من النار.
  والجواب: أن الله تعالى رد قولهم بما يعم الكافر والفاسق فقال: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٨١}[البقرة] ولو كان الإنكار لما ذكرتم فقط لم يحسن الجواب