الباب الأول فيما يتعلق بالآيات
  وقال #: (هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته، وحاول الفكر المبرأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته، وتولهت القلوب إليه لتجري في كيفية صفاته، وغمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصفات لتناول علم ذاته ردعها وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلصة إليه سبحانه فرجعت إذ جبهت معترفة بأنه لا ينال بجور الاعتساف كنه معرفته، ولا تخطر ببال أولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته)(١).
  ارتمت: أي ترامت، شبه جولان الأوهام وتعارضها بالترامي بالنبل ونحوه، وتولهت القلوب: اشتد عشقها حتى أصابها الوله وهو التحير، ولتجري أي لتصادف مسلكاً في ذلك، وغمضت مداخل العقول: أي غمض دخولها ودق في النظر الذي لا تبلغ الصفات كنهه لدقته وغموضه، وردعها: كفها، وتجوب: تقطع، والمهاوي: المهالك، والسدف: جمع سدفة وهي القطعة من الليل المظلم، وجبهت: ردت، والجور: العدول عن الطريق، والاعتساف: قطع المسافة على غير جادة معلومة.
  وقال #: (ردع خطرات هماهم النفوس عن عرفان كنه صفته). هماهم النفوس: أفكارها، روي جميع ذلك عنه # في النهج وفيه غير ما ذكرنا مما يدل على أن العقول عاجزة عن إدراك كنه الذات والصفات. والله أعلم.
(١) نهج البلاغة ص ١٢٥ - ١٢٦.