مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الأول: قوله تعالى: بسم الله، وفيه مسائل:

صفحة 366 - الجزء 1

البحث الثالث: في الدليل على أن الله تعالى موجود

  اعلم أن من لم يجعل الوجود صفة زائدة على الوجود لا يحتاج إلى الاستدلال على هذه المسألة، بل يكفيه دليل إثبات الصانع، وهو الذي يدل عليه ما في النهج عن علي # وهو قوله #: (الحمد لله الدال على وجوده بخلقه، وبمحدث خلقه على أزليته)⁣(⁣١)، فإنه لم يزد في الاستدلال على الوجود على دليل إثبات الصانع، وهو الاستدلال بالصنع كما ترى.

  وقال الفقيه العلامة عبدالله بن زيد العنسي |: اعلم أنا إذا دللنا على إثبات صانع مختارٍ كفانا ذلك الدليل في أن الله تعالى موجود قديم قادر عليم حي، بحيث لا دليل لنا على هذه الأوصاف التي هي أوصاف الكمال سوى حدوث العالم وحاجته إلى محدث فاعل مختار؛ لأنه لا يصح أن يكون فاعلاً مختاراً إلا وهو قادر على ما خلق وعالم بذلك لما في حدوث العالم من الأحكام، وحيٌ بحيث لا يعقل أن يكون مواتاً، وهو قادر عالم فاعل مختار، وموجود لأن المعدوم لا يكون فاعلاً مختاراً، ويعلم ذلك ضرورة.

  هذا وأما القائلون بأن الوجود زائد على الذات⁣(⁣٢) شاهداً وغائباً


(١) نهج البلاغة (٢١١).

(٢) وقالوا: إنا بعد علمنا بأن الله الذي أوجد الموجودات نشك هل هو سبحانه موجود أو معدوم وأنا نحتاج بعد العلم بذلك إلى النظر الدقيق في دليل يدل على أن خالقنا غير معدوم ولا يكفينا العلم بأنه الخالق والمدير دليلاً على وجوده قط.

قال في إيثار الحق وغفلوا عن كون وجود الخالق القيوم بخلقه أقوى في التعريف بوجوده من الدليل الذين يتكلفونه على ذلك في فطر العقلاء وأنه إن أمكن من الشك في هذه الفطرة أمكن الشك في دليلهم عليها إذ لا يمكن أن يكون أقوى منها بل هو أخفى بغير شك كما يعلم ذلك من وقف على أدلتهم. تمت مؤلف.