مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

فصل [في ذكر الروايات الدالة على الوعيد]

صفحة 3818 - الجزء 6

  والحاكم يقولون يوثقون كثيرًا من النواصب والخوارج، وكذلك فعل أهل الكتب الستة؛ وهو دليل على أن المعتبر في الراوي عدالة الصدق، لا عدالة السلامة من الإثم والبدعة. وذكر فيه أيضًا أن الواجب قبول حديث كل راو من أي فرق الإسلام كان، إذا عرف تحرزه في نقل الحديث، وصدق أمانته، وبعده من الكذب، وإن كان مبتدعًا متأولًا، ورد كل راوٍ عرف بخلاف ذلك، من غير تساهل في القبول، ولا تعنت في الرد.

  قال: فأما القبول بمجرد الموافقة في الاعتقاد، ورده بمجرد المخالفة في الاعتقاد، وبطلب المدح لغير الثقات، وتكلف القدح في حق الأثبات فمن مزالق الأقدام، والتهور الموقع في الكذب على المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، واعتمادًا على مجرد التشهي الموقع في غضب الجبار، ودخول تحت قوله ÷: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»؛ فإن القبول والرد بمجرد ذلك كذب؛ إذ مرجعه إلى أنه قال ولم يقل، أو إلى أنه لم يقل وقد قال.

  قلت: وقد نسب هذا القول أعني قبول من تكاملت فيه شروط الرواية بلا فرق بين ما وافق بدعته وبين ما خالفها إلى جماعة من المتكلمين الذين لا يرون تكفير أحد من أهل القبلة، وكذلك قال به جماعة من غيرهم؛ وما يقال من أن روايته لما يقوي بدعته كشهادة الرجل العدل فيما يجر النفع إلى نفسه، فكما أن الشهادة مردودة فكذلك الرواية، فمدفوع بأن التهمة في الشهادة أعظم بالخصوص المنفعة،