تفسير قوله تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 81}
  من أليم العذاب وشدة العقاب؛ وقد دل القرآن على أن من مات على المعصية فإن توبته وإقلاعه في الآخرة لا تكون لوجه القبح، وأنه لو عاد إلى الدنيا لعاد فيما كان فيه من المعاصي: قال تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}[الانعام: ٢٨]؛ سلمنا حسن العفو عقلًا، فقد جاء الشرع بعدم وقوعه لمن مات على كبيرة؛ لما مر.
  قوله: إن العفو إنما هو ترك عقوبة المستحق ... إلخ.
  قلنا: بل العفو إسقاط العقوبة، سواء كان بسبب التوبة أو من أول الأمر، وقد دل الدليل على إسقاطها بالتوبة، وعلى أنها لا تسقط من دونها، أما عند من يقول: إن قبول التوبة غير واجب على الله تعالى وإنما هو تفضلٌ منه فظاهر، وأما من يقول بوجوب قبولها فلهم أن يقولوا: الإسقاط يسمى عفوًا، وإن كان بسببها؛ لقوله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ٥١ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}[البقرة: ٥١ - ٥٢] وهذا العفو إنما كان بسبب توبتهم: بدليل قوله تعالى: {يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ}[البقرة: ٥٤]؛ وقد مر في تفسير قوله: {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ}[البقرة: ٥٢] في هذا المعنى بحث نفيس لا ينبغي جهله. والحمد لله رب العالمين.