المسألة الثالثة: [حسن القول مع المؤمن وغيره]
  مع المؤمن وغيره، ويدخل في ذلك الكافر؛ وقد اختلف في ذلك. فقيل: المراد بالناس المؤمنين دون الكفار والفساق؛ لوجوب لعنهم وذمهم وإهانتهم؛ ولقوله تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التوبة: ٧٣] وقوله: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}[النساء: ١٤٨]. وقيل: الآية منسوخة بآية السيف ونحوها. وقال الباقر وعطاء: هي عامة للناس كلهم، واختاره الرازي والنجري في شرح الآيات. وقال في الزهور: المخالطة ليست بموالاة. وهي جائزة للكفار والفساق.
  وأخرج البيهقي في الشعب عن علي # في قوله: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}[البقرة: ٨٣] (يعني الناس كلهم) واحتجوا عليه بأن موسى وهارون $ أمرا بإلانة القول مع فرعون، قال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا}[طه: ٤٤] وكذلك كان محمد ÷ مأمورًا بالرفق واللين، قال تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: ١٥٩]، وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}[النحل: ١٢٥]، وقال تعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ٧٢}[الفرقان]، وقال تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ٦٣}[الفرقان]، وقال تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ١٩٩}[الأعراف]، وقال تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ}[المائدة: ١٣] والضمير لليهود.
  وعن عائشة أن رجلًا استأذن على النبي ÷، فلما رآه(١) قال: «بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة» فلما جلس تطلق النبي ÷
(١) أي رآه نازحًا عنه، والمراد علمه، وفي رواية قال: «اذنوا له فبئس ...» الخ، ولم يذكر الرواية. تمت. مؤلف.