تفسير قوله تعالى: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين 89}
  قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ٨٩}[البقرة]
  دلت الآية على أن الكفر ليس هو الجهل فقط؛ لأنه تعالى كفرهم بجحدهم نبوة محمد ÷ بعد أن عرفوها.
  قوله تعالى: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ٩٠}[البقرة]. في الآية دليل على أنه يصح وصف الله تعالى بالغضب، وفي السنة أخبار كثيرة تدل على ذلك؛ إذ تكرر فيها: من فعل كذا لقي الله وهو عليه غضبان، وتدل على أن غضبه تعالى يتزايد ويكثر، ويختلف باختلاف أنواع المعاصي، فلا يكون غضبه تعالى على الفاسق كالكافر، ولا على من كفر بخصلة واحدة من خصال الكفر كمن كفر بخصلتين؛ وقد تقدم في معنى الغضب إذا نسب إلى الباري تعالى في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}[الفاتحة: ٧] وفي قوله: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}[البقرة: ٢٦]. وقد تمسك الخوارج بقوله تعالى: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ٩٠}[البقرة] على كفر كل عاصٍ، فقالوا: قد ثبت أن الفاسق يعذب، وثبت بهذه الآية أنه لا يعذب إلا الكفار، فيلزم أن الفاسق كافر. وتمسكت بها المرجئة لتصحيح الإرجاء، فقالوا: دلت على أنه لا يعذب إلا الكافر، والفاسق ليس بكافر، فوجب القطع بأن الفاسق لا يعذب.