المسألة الثانية: في معناه في عرف الشرع
  قيل: الدليل عليه أن كل ما سوى الله إما متحيزٌ أو قائم بالمتحيز، فلو كان غير الله فاعلًا لشيء من ذلك لكان ذلك الغير متحيزًا، وذلك المتحيز يجب أن يكون قادرًا بقدرة؛ إذ لو كان قادرًا للذات لكان كل جسم كذلك؛ لأن الأجسام متماثلة؛ لاشتراكها في الصفة الذاتية، كما مر في الفاتحة؛ والقادر بالقدرة لا يصح منه إيجاد الأجسام ونحوها، وإلا لصح منا؛ لتماثل الأجسام، ومن حق المتماثلين الاشتراك فيما يجب ويصح ويستحيل، والمعلوم ضرورة أنه لا يصح منا، كما يعلم أنه لا يصح منا الجمع بين الضدين وجعل القديم محدثًا.
  فإن قيل: يجوز أن يكون تعذره لفقد أمر فينا بحيث لو وجد صح منا فعل الأجسام، نحو أن يجوز أن يكون ثم قدرة على فعل الجسم لم يخلقها الله فينا، ولو خلقها فينا لصح منا ذلك الفعل؛ ومع هذا التجويز لا نقطع بعدم الصحة، فضلًا عن كونه ضروريًا.
  قيل: لو جوزنا ما ادعيتم لجوزنا كون تعذر الجمع بين الضدين وجعل القديم محدثًا لفقد ذلك الأمر، وذلك يستلزم تجويز حصول المحالات، كجعل الأسود أبيضَ في حالة واحدة.
  فإن قيل: وجود الجسم جائز واجتماع الضدين محال، فلا يصح قياس أحدهما على الآخر.
  قيل: وجود الجسم وإن كان جائزًا فعلمنا باستحالته منا كعلمنا باستحالة الجمع بين الضدين، فلو جوزنا وجود قدرة فينا تؤثر في إيجاده لجوزنا مثل ذلك في الجمع بين الضدين؛ لاتفاقهما في علم استحالتهما؛