مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعل

صفحة 3958 - الجزء 6

  امتناع تحقق النظام والتعاون بينهما من غير اشتراك في الخبث والشرارة، فيكون كافرًا قطعًا.

  وأما سائر الأنواع المتقدمة في المسألة الثالثة فقال الرازي: لا شك أنها ليست بكفر.

  وقال أبو السعود: أما الشعوذة وما يجري مجراها من إظهار الأمور العجيبة بواسطة ترتيب الآلات الهندسية، وخفة اليد، والاستعانة بخواص الأدوية والأحجار فإطلاق السحر عليها بطريق التجوز، أو لما فيه من الدقة؛ لأنه في الأصل عبارة عن كل ما لطف مأخذه وخفي سببه، أو من الصرف عن الجهة؛ لما أنه في أصل اللغة الصرف، على ما حكاه الأزهري عن الفراء ويونس.

  قلت: والظاهر من كلام أصحابنا أن السحر بأنواعه كفر.

  وفي البحر عن العترة وأبي حنيفة وأصحابه أن السحر كفر. ونص في شرح الإبانة على كفر من ادعى الجمع والتفريق بين الزوجين، والبغض والمحبة، وقلب الأعيان على ما يتعاطاه بعض المدعين لعمل الكيمياء. قال: وكذا إذا ادعى تحريك الجمادات من غير مباشرة ولا توليد. وحجتهم عموم ما مر، واحتج لـ له في شرح الأزهار بأن من ادعى هذا فقد ادعى الربوبية وكفر؛ لأن ذلك من فعل الله تعالى؛ ويستثنى من هذا الحكم المعترف بالتمويه، بأن يكون في حال فعله معترفًا أن ذلك تمويه، وأنه وجد لا حقيقة له، فإن هذا لا يكفر عند أئمة المذهب.

  قال في البحر: وللإمام تأديبه؛ لإيهامه بالخطأ بفساد القلوب.