مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الأول: قوله تعالى: بسم الله، وفيه مسائل:

صفحة 380 - الجزء 1

  لا يمنع من كونه محدثاً⁣(⁣١)، وأجيب بالتزام ذلك لأن ما يقصد بالقديم إذا كان بمعنى المبالغة لا يمنع من كونه محدثاً، وإنما يمنع منه إذا كان بمعنى أنه لا ابتداء لوجوده، قالوا: لو كان بمعنى المبالغة للزم التزايد في صفة الوجود؛ لأن تقادم أحد الموجودين في الوجود جائز، وقد ثبت أن التزايد في صفة الوجود لا يجوز.

  والجواب: أما من لا يجعل الوجود أمراً زائداً على الذات فلا يرد عليه هذا إذ لم يثبت صفة فيلزم تزايدها، وأما من يجعله زائداً فقد أجابوا بأنه لا يفيد التزايد في صفة الوجود، بل التزايد في مرور الأوقات عليه وصفة الوجود واحدة.

  قالوا: يقال هذا أقدم من هذا، كما يقال: أعلم، فلو كان حقيقة لدل على تزايد صفة الوجود كالعلم، ويجاب بأنه لا يدل إلا على تزايد مرور الأوقات كما مر.

  قال قاضي القضاة: قول أبي هاشم هو الأصح في اللغة فإن القديم لغة: ما تقدم على غيره، أو ما تقادم وجوده، فحينئذ يجوز إطلاقه على غيره تعالى، وقول أبي علي هو الأصح في عرف المتكلمين، فإن القديم عندهم هو الموجود فيما لم يزل، ولهذا سبق إلى أفهامهم عند إطلاقه هذا المعنى، ومثله ذكره الموفق بالله.

  فإن قيل: كيف يصح القول: بأن أهل اللغة وضعوه لما لا ابتداء لوجوده وهم جاحدون للباري تعالى، ولا شيء في الشاهد لا ابتداء لوجوده حتى يضعوه باعتباره.


(١) أي وهو لا يجوز أن يقال فيما هو قديم حقيقة أنه محدث لأنهما متنافيان. تمت مؤلف.