الباب الأول فيما يتعلق بالآيات
  قيل: إن قلنا بأن الواضع الله تعالى فلا إشكال، وإن جعلنا الواضع البشر فلا يمتنع أن يكون فيهم موحدون عارفون بالله تعالى فوضعوا له ذلك وإن لم يكن له في الشاهد مثل. وفي معنى قديم قولنا: أقدم ومتقدم، فيجوز وصفه تعالى بهما، ذكره الإمام عز الدين # قال: والمراد أنه موجود قبل كل موجود.
  وحكي عن أبي علي أنه يجوز وصفه تعالى بهما في الأزل، ومنعه أبو هاشم لإيهامه الخطأ، وهو أن في الأزل موجوداً سواه مشاركاً له تعالى في الوجود في الأزل لكنه تعالى متقدم وأقدم، وليس كذلك الآخر مع حصوله في الأزل، وذلك محال كما إذا قلت: زيد أفضل من عمرو، فإنه يفيد اشتراكهما في الفضل مع اختصاص زيد بزيادة.
  واختلف الشيخان أيضاً في لفظ سابق وأسبق وأول، فجوز أبو علي إطلاقها عليه في الأزل بمعنى أنه يقال: هو أسبق في الأزل، ومنعه أبو هاشم لما مر، وأجاب أبو علي بأن قولنا أسبق ونحوه لا يقتضي جواز المشاركة في الوجود في الأزل بدليل أنا نصف القدرة بأنها متقدمة على الفعل مع استحالة وجود الفعل معها، فكذلك نصف الباري تعالى بما ذكر لاستحالة ثبوت غيره في الأزل.
  فإن قيل: فإذا قيد بما يرفع الإيهام ويقضي بأن المشاركة غير مقصودة، فهل يصح الإطلاق على مذهب أبي هاشم؟
  قيل: إذا لم تقصد المشاركة كان اللفظ مجازاً لاستعماله في غير ما وضع له والمجاز لا يطلق عليه تعالى إلا بإذن كما مر،