تفسير قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير 106}
  وإنما النزاع في الارتفاع والانقطاع، فالمخالف يزعم أن أحقية تلك الأحكام كانت مقيدة بظهور شريعتنا، وكذا في أحكام شريعتنا، ولا يسمى ذلك نسخًا، بل تجري الحال فيه كالحال في قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: ١٨٧]، فكما أن قوله إلى الليل غير ناسخ لوجوب صوم النهار بل هو غاية له كذلك الحكم فيما يعد ناسخًا؛ فيرجع النزاع لفظيًا. وأما وجه الاحتجاج بها على اليهود فهو أنه قد ثبت بالمعجزة الواضحة أن محمدًا ÷ نبي صادق، وقد أخبرنا عن الله أنه قال: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة: ١٠٦]، وتصديقه في خبره واجب، وفي ذلك حصول المطلوب. لا يقال: لا يصح الاستدلال على الخصم إلا بما يلتزمه؛ لأنا نقول: ذلك فيما له فيه شبهة، وأما ما لا شبهة له فيه بل ثبوته كثبوت المحسوسات فلا يلتفت إلى التزامه؛ لظهور عناده، ولو اعتبر ذلك لما أمكن إقامة الحجة على مدعي قدم العالم؛ كيف؟ وقد نبه الله تعالى على كيفية الاحتجاج عليهم في مواضع من كتابه، وكذلك تضمن القرآن التنبيه على إقامة الحجة على منكري النبوة وغيرهم. ومن الأدلة على وقوع النسخ: الإجماع، فإن الأمة أجمعت على أن شريعة محمد ÷ ناسخة لما خالفها من شرائع الأنبياء قبله، وقد كان يعقوب # جمع بين الأختين، وآدم # كان يزوج بناته من بنيه، وهو محرم في شرائع من بعدهم من الأنبياء $.