مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الثاني: فيما يتعلق بجملة البسملة وفيه مسائل

صفحة 429 - الجزء 1

  وقال الرازي: الذي عندي أن النقل المتواتر ثابت بأن كلام أنزله الله على محمد ÷، وأنه مثبت في المصحف بخط القرآن، وعند هذا ظهر أنه لم يبق لقولنا إنه من القرآن أو ليس من القرآن فائدة، إلا أنه حصل فيها أحكام شرعية هي من خواص القرآن، مثل أنه هل يجب قراءتها في الصلاة أم لا، وهل يجوز للجنب قراءتها أم لا، وهل يجوز للمحدث مسها أم لا، ومعلوم أن هذه الأحكام اجتهادية، فلما رجع حاصل قولنا إن التسمية هل هي من القرآن إلى ثبوت هذه الأحكام، وثبت أن ثبوت هذه الأحكام وعدمها أمورٌ اجتهادية ظهر أن البحث اجتهادي لا قطعي.

  قلت: وكلام الرازي هذا ساقط؛ إذ يلزم منه صحة كون جميع القرآن أحادياً؛ لأن هذه الأحكام كما قال خواص للقرآن كله، ثم إنه لا يلزم من ثبوت الأحكام الاجتهادية لبعض ما يشترط فيه القطع وتوقفها على ثبوته أن تصير تلك القطعيات ظنية؛ إذ علة قطعيتها كونها مما تتوفر الدواعي إلى نقلها، وليس كذلك الأحكام الثابتة لها، مع أن قوله: إنه لم يبق لقولنا: إنها من القرآن أو لا فائدة إلا ثبوت تلك الأحكام غير مسلم، فإن له فائدة غير ذلك لا تصح إلا مع القطع، وهي اعتقاد القرآنية.

فرع [الخلاف في هذه المسألة لا يستلزم كفراً]

  وعلى القول بأنها قطعية فلا يكفر من أثبتها، ولا من نفاها لأجل اختلاف العلماء فيها، وقوة الشبهة من الجانبين، وقد روى غير واحد إجماع الأمة على ذلك، وظاهر ما تقدم أن الخلاف فيها كان في أيام