الباب الثاني المسائل الفقهية المتعلقة بالبسملة
  وهم قد صرفوا هممهم إلى إخفاء مناقبه وإطفاء أنواره، لا جرم بالغوا في تشييد أقوال أولئك الأصاغر وتقويتها {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ٣٢}[التوبة].
  وقد ذكر الأمير الحسين في الشفاء، وأبو الحسين في (المعتمد) أن السبب في عدم نقل الجهر بالبسملة على حد نقل الفاتحة أن النبي ÷ كان يقرؤها في حال رجة الناس بتكبيرة الإحرام، وهذا أمر مشاهد.
  حكى الحازمي عن نفسه أنه حضر جامعاً وحضره جماعة من أهل التمييز المواظبين في ذلك الجامع، فسألهم عن حال إمامهم في الجهر والإخفات قال: وكان صيتاً يملأ صوته الجامع، فاختلفوا في ذلك فقال بعضهم: يجهر، وقال بعضهم: يخفت. هذا، وقد تأول الرزاي نفي الجهر في حديث أنس وابن مغفل على نفي المبالغة في رفع الصوت كما قال تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ...}[الإسراء: ١١٠] الآية.
  وأما ما رووه عن علي # من الإسرار بها فما تقدم عنه من رواية الموالف والمخالف يدفعها، على أنها ليست صريحة، وإنما روي عنه # أنه كان لا يجهر بها كما أخرجه عبد الرزاق والمحاربي، وقد ذكر روايتهما ابن عبد البر، وهي محمولة على أن الراوي لم يسمع لبعد أو نحوه، وقد نص على تواتر الجهر عنه # البيهقي.
  وأما ما روي عن ابن عباس وابن الزبير فقد تقدم عنهما ما هو أرجح سنداً، وأكثر طرقاً مما يدل على قولهما بالجهر، على أن قول ابن عباس إن الجهر قراءة الأعراب ليس صريحاً في ترجيح الإسرار بها لاحتمال أنه أراد أن الجهر بها قراءة من بقي على الفطرة، ولم تلابسه