الباب الثاني المسائل الفقهية المتعلقة بالبسملة
  وأمر بالتوسط، ولا توسط يقدر إلا عدم المبالغة، وإلا لم يكن لقوله: {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}[الإسراء: ١١٠].
  [فائدة] بل يلزم على كلامهم المناقضة(١) بين أول الآية وآخرها، ويدل على صحة هذا التأويل رواية النيسابوري للحديث ولفظه: عن سعيد بن جبير قال: كان رسول الله ÷ يجهر ب ﷽ وكان المشركون يهزؤون بمكاء وتصدية ويقولون: يذكر إله اليمامة، وكان مسيلمة الكذاب يسمى رحمن، فأنزل الله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} فيسمع المشركون فيهزؤون به {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}[الإسراء: ١١٠] عن أصحابك فلا تسمعهم أي: بل يسمعهم، وهذا نص فيما ذهبنا إليه، وبه تصير الآية حجة في الجهر.
  وأما قول الترمذي الحكيم، فمبني على صحة تلك الرواية، وقد عرفت ما فيها، ولو سلمنا صحتها فلا نسلم له الاستمرار، مع ما تقدم عن النبي ÷، وعن أمير المؤمنين، وعن أكابر الصحابة والتابعين وغيرهم، ولو لم يكن إلا عمل أمير المؤمنين الذي قد أخبر النبي بأنه المبين للأمة ما اختلفوا فيه من بعده، وأنه مع الحق والحق معه، وأمر بالأخذ بحجزته.
  وبالجملة أنه أعلم بآخر الأمرين من رسول الله ÷، وقوله عندنا حجة. وأما قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ}[الأعراف: ٢٠٥] فهي مثل قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}[الإسراء: ١١٠] أعني أن المراد
(١) بيان المناقضة أنا لو حملنا النهي على مطلق الجهر المتناول للحالة المتوسطة منه لناقضه الأمر بالتوسط فيه بقوله: {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ١١٠} تمت مؤلف.