مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الثاني: فيما يتعلق بجملة البسملة وفيه مسائل

صفحة 457 - الجزء 1

  بها النهي عن المبالغة في رفع الصوت بالذكر بدليل قوله: {وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ}⁣[الأعراف: ٢٠٥] مع التخيير بينه وبين الذكر الخفي، وكذلك الكلام في قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}⁣[الأعراف: ٥٥] فإن المراد به التخيير بين الجهر والإسرار مع النهي عن المبالغة في رفع الصوت، وهذا على ما ورد من تفسير التضرع بالعلانية والاعتداء برفع الصوت، وأما على غيره فالآية واردة في الدعاء وللإسرار به سر كما أن للجهر بالبسملة سراً.

  فإن قيل: إذا جعلتم الآية الأولى واردة في التخيير بين الجهر والإسرار على ما قررتم، وكذلك الآية الثانية على التأويل الذي حكيتم، فلم لا تقولون بالتخيير في البسلمة إذ هي من جملة ذكر الرب عز وعلا؟

  قيل: الأحكام تختلف باختلاف المصالح، والأسرار المتعلقة بمحالها والمكلفين بها، وقد نعرف تلك المصالح والأسرار وقد لا نعرفها، لكن يجب علينا الإقرار بها جملة لما تقرر من عدل الله وحكمته، وأنه لا يفعل شيئاً ولا يشرع حكماً إلا لمصلحة.

[علل الجهر بالبسملة]

  إذا عرفت هذا فنقول: لما قامت الأدلة الصحيحة الصريحة على وجوب الجهر بالبسملة خصصنا بها ما ورد من التخيير في تلك الآيتين، وقطعنا أن في الجهر بها لنا مصلحة وسراً، كما خصصنا غيرها من الأذكار بوجوب الجهر بها لذلك السر، وتلك المصلحة معلومة