الموضع الثاني: فيما يتعلق بجملة البسملة وفيه مسائل
  وقال الإمام زيد بن علي(١) #: أما قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ} فإن الله ø دل عباده على أن إذا أرادوا قولاً أو عملاً افتتحوا بسم الله كما افتتح الله تعالى كلامه، وليجعلوا ذكر اسم الله تعالى استعانة منهم بالله، وتبركاً بالافتتاح باسمه.
  واعلم أنه قد تطابق على حسن الابتداء باسمه تعالى العقل والنقل، أما العقل فلأنه لما كان الباري تعالى منعماً بجميع النعم على عباده، وشكر المنعم واجب عقلاً حسن الابتداء باسمه تعالى، أداءً لبعض ما يجب له تعالى من الشكر؛ إذ من شكره تعظيمه بالتبرك، والاستعانة باسمه تعالى في مبادئ أعمالنا التي تمكيننا منها من جلائل نعمه، ومن شكره أيضاً ذكر اسمه تعالى باللسان الذي هو شعبة من الشكر، مع ما في ذلك من الاقتداء بفعله حيث افتتح باسمه كتابه، وامتثال ما ورد على لسان أنبيائه، فهذه ثلاثة وجوه مقررة لحسن الابتداء به عقلاً.
  وأما النقل فيدل على ذلك الكتاب، والسنة، والإجماع، أما الكتاب فمنه ما أرشد إليه تعالى في افتتاح كتابه وقد عرفت تقريره،
(١) الإمام الأعظم الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب # ولد سنة (٧٥ هـ) بالمدينة المنورة حليف القرآن من أعلم الناس وأفصحهم، وأخطبهم، وأزهدهم، وأشجعهم إمام الزيدية وقائدها، فاتح باب الجهاد والاستشهاد، ومجدد الثورة ضد الظلم والفساد. وهو العلم المميز للمذهب عن بقية مذاهب الشيعة، جم الفضائل، كثير المناقب، ارتوى العلم عن أبيه زين العابدين وأخيه باقر علم النبيين. رحل الكوفة وناظر علماءها، بايعه أكثر من أربعين ألفا ولم يثبت معه إلا القليل، سقط شهيداً في الخامس والعشرين، من شهر محرم سنة (١٢٢ هـ) من أجل إقامة دولة الحق وإلى جانب حماسه الثوري خلف لنا تراثاً علمياً أصيلاً وفكراً عظيماً قاوم جميع الانحرافات الفكرية كالجبر، والتشبيه، ونحوهما. ومن أهم مؤلفاته المجموع (الفقهي والحديثي)، و (غريب القرآن)، و (الصفوة)، (والوصية)، وغيرها، كتب عنه الكثير من الكتاب قديماً وحديثاً.