مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الباب الثاني المسائل الفقهية المتعلقة بالبسملة

صفحة 483 - الجزء 1

  من السلف الابتداء فيه بالتسمية في شيء من أفعال القلوب، بل من تتبع الجزئيات التي وردت التسمية في ابتدائها عن الشارع لم يجدها إلا من الأعمال الظاهرة، وكذلك الأذان فإنه لم يسمع الابتداء فيه بالتسمية مع أنه مبتدأ باسم الله تعالى فهو داخل في عموم ما تقدم، وأما الخطب فلم نجد فيما وقفنا عليه من خطب النبي ÷، وخطب باب مدينة العلم # في نهج البلاغة إلا الابتداء بالحمدلة، لكن الظاهر أن المراد بالابتداء باسمه تعالى أن يذكر في أول الأمر اسم من أسمائه تعالى لا خصوصية البسملة، كما يدل عليه حديث عائشة، وظواهر نحو قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}⁣[الأنعام: ١٢١] وحديث: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه»، وما ورد في بعض أحاديث أذكار النوم: «باسمك اللهم وضعت جنبي» إلى غير ذلك.

  وعلى هذا فالابتداء بالحمدلة ابتداء باسمه تعالى، وبه تعرف أنه لا تعارض بين الأحاديث الواردة في الأمر بالابتداء بالحمد الله وبين ما هنا، وإن كان قد جمع بينها بعضهم يجمع آخر، وسيأتي إن شاء الله في سياق قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٧٥}⁣[الزمر] هذا مع أنا نقول إن للبسملة أرجحية اقتداء بالكتاب العزيز.

  قال ابن حابس: ولا يبعد دعوى الإجماع على ذلك، وكذلك للجمع بينها وبين الحمد كما لا يخفى. وأما ما ذكره من عدم الابتداء بها في كتب الغضب فقد أوضح الحجة عليه بما ذكره من سورة براءة وفعل الوصي #، لكنه ينبغي أن يقيد الغضب بكونه الله تعالى كما يفيده دليله.