مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 513 - الجزء 1

  والجواب عن الثاني من وجهين:

  أحدهما: أن الملاحظ في التابع ظاهر اللفظ دون المعنى، ولهذا مثل النحاة لتوكيد المفرد المذكر بنحو جاء الجيش كله أجمع⁣(⁣١) مع أنه متعدد من جهة المعنى، مع ما في ذلك من المشاكلة اللفظية.

  الثاني: أن معنى الإفراد باق، وأداة العموم تتبعت أشخاص ذلك المفرد، فمعنى قولنا: أكرم الرجل مثلاً أكرم كل رجل لا كل الأفراد أي: لا مجموعها؛ لأن دلالة العموم كلية أي محكوم فيها على كل فرد، فالمثال في قوة قولكم أكرم فلاناً وفلاناً إلى آخره، وكل منهم محكوم عليه منفرداً فما هو في قوة التعدد يكون الحكم فيه على كل فرد فرد لا على الكل، أي مجموع الأفراد من حيث هو مجموع، ولا على الكلي أي الماهية لأن النظر في العام إلى الأفراد، وهذا الوجه يفيد امتناع إتباعه بتوكيد الجمع ونعته مع اقتضائه العموم، فثبت أن امتناع التوكيد والنعت المذكورين لا يدل على عدم العموم، على أنه قد نقل الأخفش عن بعضهم أهلك الناس الدينار الحمر والدرهم البيض، وجوزه ابن مالك وغيره.

  وقال المرادي في التوكيد: إنه يجوز: جاء الرجال كلهم، نظراً إلى اللفظ والمعنى، وكلها على معنى الجماعة، وكله على معنى الجمع.

  قلت: وهذا يقتضي جواز تأكيد المفرد المعرف بما يؤكد به الجمع


(١) أي جعلوا قولهم جاء الجيش كله مثالاً للمفرد نظراً لظاهر لفظه وإن لم يكن مفرداً من جهة المعنى. تمت مؤلف.