قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  بل هو للجنس الصادق ببعض الأفراد، واختاره ابن أبي الحديد، وهو مقتضى كلام أبي هاشم وقيل: قد رجع عنه، واحتجوا على ذلك بأمور:
  أحدها: أن القائل إذا قال: لبست الثوب، أو شربت الماء لا يفيد العموم.
  الثاني: أنه لا يجوز تأكيده بما يؤكد به الجمع، ولا نعته بما ينعت به الجمع فلا يقال: جاءني الرجل أجمعون أو العالمون.
  الثالث: أنه يقال: الإنسان هو الضحاك، فلو كان بمعنى كل إنسان هو الضحاك لأدى إلى التناقض؛ لأن المقصود بالكلام هذا حصر الإنسانية في الضحاك، فإذا حمل على العموم كان معناه حصر الإنسانية في كل واحد من الناس؛ لأن معنى الحصر هو أن يثبت فيه لا في غيره، فيلزم أن يصدق على كل فرد من أشخاص الناس أنه هو الضحاك لا غيره فيتناقض.
  الرابع: أن البعض هو المتيقن والجميع مشكوك فيه، فوجب الحمل على المتيقن ما لم تقم قرينة على إرادة العموم كالاستثناء في قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[العصر: ٢ - ٣].
  والجواب عن الأول: بأن استفادة البعضية من القرينة إذ اللبس والشرب لا يتصوران في الحقيقة نفسها، والعموم متعذر لاستحالة لبس جميع الأثواب وشرب جميع المياه، فتعين أن المراد حصة من جنس الثياب والمياه غير متعينة، وهذا حيث لا عهد في الخارج وإلا حمل عليه.