المسألة الثالثة: في اختلاف العلماء في الفرق بين الحمد والمدح والشكر
  وقد يخص بعد المآثر ويقابله حينئذٍ الهجو أي عد المثالب، والكلام في المعنى الأول، وذهب إلى الفرق بينهما جماعة منهم: الحسين بن القاسم #، والرازي، وأبو حيان، وأبو السعود وغيرهم، ثم اختلفوا في وجه الفرق على أقوال:
  القول الأول: أن المدح أعم من الحمد لأن المدح قد يكون للحي والجماد، ألا ترى أنه كما يحسن مدح العاقل على أنواع فضائله، فكذلك قد يمدح اللؤلؤ لحسن شكله ولطافة خلقته، ويمدح الإنسان على حسن وجهه ورشاقة قده، بخلاف الحمد، فإنه لا يكون إلا للفاعل المختار.
  قال في (شرح الغاية) بعد أن ذكر أن الحمد: لا يكون إلا على الجميل الاختياري أن التقييد بالاختياري لأنه لم يسمع، حمدت اللؤلؤة على صفائها بل مدحتها، وهذا الفرق ذكره الحسين بن القاسم، والرازي وغيرهما.
  وأجيب من وجوه:
  أحدها: أن ما تقدم من إلزام أصحابنا للمجبرة بسقوط المدح والذم يدل على بطلان ثبوت المدح لغير الفاعل المختار، وقد ألزمهم بذلك أمير المؤمنين # في كلامه للشامي فقال: لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب إلى أن قال: ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء ولا المسيء أولى بالذم من المحسن وقد مر، فهذا نص في المقصود