قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ١٤٤}[الأعراف] وقوله لمريم &: {يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ٤٢ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ ...} الآية [آل عمران: ٤٢ - ٤٣] إلى غير ذلك مما امتن الله به على عباده من كونه اصطفاهم واصطفى دينهم(١)، ولو كان مدحاً لم يمتن به عليهم ولم يطلب منهم الشكر عليه، سلمنا فالمدح ليس على الاصطفاء نفسه، بل على أسبابه، وهي تواضعهم، ورحمتهم للخلق، وسلامة قلوبهم من الأخلاق القبيحة، ونحو ذلك وهذه منهم، ويدل على ذلك أعني كون المدح على السبب ما أخرجه أبو الشيخ عن ابن شوذب قال: أوحى الله إلى موسى أتدري لم اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي؟ قال: لا يارب، قال: إنه لم يتواضع لي تواضعك أحد، وفي الدر المنثور نحوه من طريق ابن أبي حاتم وغيره.
  الفرق الثاني: أن المدح يكون قبل الإحسان وبعده، والحمد لا يكون إلا بعده، ويرد عليه أنه قد ثبت الحمد على ما ليس بإحسان إلى الحامد كالشجاعة ونحوها كما مر.
  الفرق الثالث: أن المدح قد ورد ما يقتضي قبحه، وهو ما أخرجه الترمذي عن أبي هريرة، وابن عدي في الكامل، وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر عن النبي ÷ أنه قال: «احثوا التراب في وجوه المداحين». قال العزيزي: هو حديث حسن.
  وأخرج ابن ماجة عن المقداد بن عمرو الكندي، والبيهقي في الشعب
(١) كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ ...} الآية تمت مؤلف.