مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 541 - الجزء 1

  الحفدة والأعضاد، وغير ذلك مما ليس للإنسان فيه عمل غلطاً ومخالفة عن المعقول، لا يقال إنما حمل الزمخشري | على ذلك اعتقاده في أفعال العباد؛ لأنا نقول: المعلوم عند الجميع أنه عارف بالأوضاع اللغوية، وأنه ثقة يعتمد عليه في نقلها، ولو فتحنا مثل هذا الباب لأدى إلى رد كثير من الأخبار النبوية والأوضاع اللغوية لكثرة الاختلاف بين الأمة أصولاً وفروعاً، فإن قيل: يرد على القول بالترادف قول علي # بعد أن أثنى على الله تعالى بصفاته الذاتية والاختيارية: (اللهم وهذا مقام من أفردك بالتوحيد الذي هو لك ولم ير مستحقاً لهذه المحامد والممادح غيرك). رواه في النهج.

  فعطف المدح على الحمد، والعطف يقتضي المغايرة، ويرد على القول باختصاص المدح بالأفعال الاختيارية ثناء الله تعالى على أنبيائه ورسله باصطفائه واختياره إياهم؛ إذ هو فعله تعالى لا اختيار لهم فيه.

  قيل: أما كلام أمير المؤمنين # فنقول: مع قيام الدليل الترادف فالواجب حمله على التوسع في الكلام بعطف الشيء على نفسه بلفظين مختلفين؛ لأن المقام مقام خطابة وهي تقتضي التوسع والإطناب، ويؤيد هذا التأويل ما مر من حديث جابر: «فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال: مدحني⁣(⁣١) عبدي» وأما ثناء الله على أنبيائه باصطفائهم فلم نعثر على مدحهم بذلك، وإنما أخبر بأنه اصطفاهم واختارهم للرسالة، وربما خرج ذلك مخرج التمنن كما في قوله تعالى لموسى #: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي


(١) فاطلق المدح على الحمد. تمت مؤلف.