مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 546 - الجزء 1

  الفرق السادس: ذكره السهيلي وهو أن الحمد يشترط صدوره عن علم لا ظن، وأن تكون الصفات المحمودة صفات كمال، والمدح قد يكون عن ظن وبصفة مستحسنة وإن كان فيها نقص ما.

  قال: ولهذين الشرطين لا يوجد الحمد لغير الله تعالى.

  وأجيب بأن ثبوت الحمد لغير الله تعالى شائع ذائع، ويدل عليه قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩}⁣[الإسراء].

  قال ابن عباس: يحمده فيه أهل السموات وأهل الأرض، وقالت عائشة في قصة الإفك: لا أحمد إلا اهله، وقالت: أحمد الله لا أحمدك، وحمد النبي ÷ على ما فيه من صفات الكمال معلوم عند كل أحد، وذلك الحمد صادر كثير منه عن علم لا ظن، فمن أين له اختصاص الحمد بالله تعالى⁣(⁣١)، ثم إن قوله: إن الحمد لا يكون إلا عن علم وأنه مختص بأهل الكمال، مردود بثبوت الحمد لكل من فعل خيراً سواء علم صدوره منه أو ظن، وسواءً كان من أهل الكمال أم من غيرهم، والشواهد عليه كثيرة منها قوله:

  ومن يلق خيراً يحمد الناس

  وقد تقدم بعضها، بل قد حمد غير الفاعل كما في قولهم عند الصباح يحمد القوم السرا، وفي كلام الأئمة والعلماء من الحث على اكتساب الحمد بفعل ما يوجبه من الخصال الحميدة ما يفيد القطع بأنه يستحقه كل من فعل خيراً كائناً من كان.


(١) أي مع مشاركة النبي ÷ في صدوره عن علم. تمت مؤلف.