قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  والفواضل، والشكر يختص بالفواضل، وأما الزمخشري فجعل كل واحد أعم من وجه وأخص من وجه، فعموم العبد الحمد باعتبار متعلقه فإنه النعمة وغيرها، وخصوصه باعتبار مورده فإنه باللسان وحده، والشكر بالعكس فإن مورده القلب، واللسان، والأركان، ومتعلقه النعمة وحدها، وتبعه على ذلك السعد وغيره، واستدلوا بقول الشاعر:
  أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
  فإن قيل: ظاهر هذا البيت، وقول الزمخشري: وهو بالقلب واللسان والجوارح أن الشكر لا يطلق إلا على مجموع الثلاثة، وأما إطلاقه على كل واحد منها فلا، وهذا يخالف ما ورد في الأحاديث من تسمية الحمد شكراً.
  وما روي عن جماعة من الصحابة وأخرجه عدة من المحدثين أنه لما نزل قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ١ ...}[الفتح: ١] الآية اجتهد النبي ÷ في العبادة وقام حتى تفطر قدماه، فقيل له في ذلك فقال: أفلا أكون عبداً شكورا مع قوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا}[سبأ: ١٣].
  وحكى الشريف الاتفاق على أن فعل اللسان يسمى شكراً.
  قيل: أما البيت فالمراد به بيان استحقاقهم على الشاعر جميع أنواع الشكر فكأنه قال: كثرت نعمتكم عندي فوجب استيفاء أنواع الشكر لكم، وبالغ في ذلك حتى جعل مواردها ملكاً لهم بحيث لا يكون في قلبه إلا محبتهم، ولا في لسانه إلا الثناء عليهم، ولا في يده وجوارحه