المسألة الرابعة [اختصاص الحمد]
  احتج الأولون بأن الألف واللام في الحمد إما للاستغراق، أو للماهية، إن كان الأول فواضح إذ يفيد أن كل حمد فهو لله حقاً وملكاً، وإن كان الثاني فلأن اختصاص الجنس به تعالى يستلزم اختصاص أفراده؛ إذ لو وجد فرد منه لغيره لثبت الجنس له في ضمنه.
  والجواب أولاً: أنا لا نسلم حصر الألف واللام في الحمد على هذين الأمرين إذ يحتمل العهد، ويكون المراد الحمد الكامل حق لله تعالى وحده، وهو ما لا يليق بغيره من المحامد، ويشهد لهذا قول علي #: (ولم أر مستحقاً لهذه المحامد والممادح غيرك)، قاله # بعد أن أثنى على الله تعالى بما لا يكون إلا له، سلمنا أنها ليست للعهد فلا نسلم العموم إذ هي للجنس الصادق كما مر، سلمنا فلا تكون للعموم إلا مع عدم القرينة الدالة على عدم إرادته وهنا قد قامت القرينة على عدم الاستغراق.
  قال ابن أبي الحديد: يبين ذلك أنها لو كانت للاستغراق يعني في الحمد لما جاز أن يحمد رسول الله ÷ ولا غيره من الناس، وهذا باطل.
  احتجوا ثانياً أن الله تعالى لا يطلب بإنعامه عوضاً ولا كمالاً لأنه كامل لذاته، والكامل لذاته لا يطلب الكمال لأنه من تحصيل الحاصل وهو محال، فكانت عطاياه جوداً محضاً، وإحساناً محضاً، فلا يكون مستحقاً للحمد غيره، بخلاف غيره من المنعمين فإنه قد يطلب بإنعامه عوضاً إما ثواباً أو ثناءً، أو تخلصاً من نسبته إلى البخل، وطالب العوض لا يستحق حمداً إذ ليس بمنعم.