قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  قال السبكي: وهذا الكلام هو التحقيق قال: فتلخص أن الحمد إن أريد به التعظيم اختص بالله سبحانه وتعالى، وإن أريد به المجازاة لا يكون خاصاً، ولا يرد شيء مما سبق على هذا القول فإن الحمد فيه على المعنى الجائز، وهو المجازاة، والثناء جنس للجميع، بل لأعم فإنه قد يكون في الشر، وفي الحديث: «مر بجنازة فأثنى عليها شراً». بل ربما يأتي الشكر في الشر، وكما ذكره الشيخ عز الدين بن عبد السلام في بعض كلامه.
  قلت: وفي كلامه نظر إذ لا يصح إلا لو كان التعظيم يختص بالله تعالى، وليس كذلك لما في كتب اللغة من أن التعظيم خلاف التصغير.
  قال في (القاموس): العِظم بكسر العين خلاف الصغر عَظُم كصغر عظماً وعظامة فهو عظيم، وفي المختار: أعظم الأمر وعظمه تعظيماً أي فخمه، والتعظيم: التبجيل، واستعظمه: عده عظيماً، وهذا نص في عدم الاختصاص.
  وأما قوله: وإن أريد به المجازاة ... إلخ فقد أشرنا فيما تقدم إلى أن ما أريد به المجازاة راجع إلى معنى الشكر؛ ثم إنه لو لم يرجع إليه فلا نسلم خلوه من تعظيم(١) ما، على أن القول بأنَّ ما قصد به التعظيم يختص بالله تعالى يؤدي إلى أن يكون الشكر مختصاً بالله تعالى؛ لأن الشكر فعل ينبي عن تعظيم المنعم، والحمد رأس الشكر، وما أدي إلى هذا يجب أن يكون باطلاً لما تقرر من وجوب شكر المنعم كائناً من كان، ولحديث: «من لم يشكر الناس لم يشكر الله».
(١) أي فلا يفيد الإختصاص. تمت مؤلف.