قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  ويكون استحقاقه تعالى للحمد على أفعالنا من حيث التمكين منها وخلق القدرة عليها، ويدل عليه قول علي #: (فإن أحسنت حمدت الله). رواه في النهج.
  وقول زيد بن علي #: والشكر واجب على الطاعة كلها لأنها بالله كانت، وقد قدمنا في الاستعاذة ما يؤيد هذا.
  قالوا: ولا يلزم رجوع الذم إليه تعالى بالتمكين والإقدار على القبائح؛ لأن ذلك ليس بقبيح، بل هو حسن إذ لا يتم التكليف إلا به، والتكليف من أحسن أفعال الله لكونه تعريضاً على السعادة.
  قلت: ويجوز أن يقصد بالعموم المبالغة والادعاء بأن ينزل حمد غيره تعالى منزلة العدم، وعلى هذا الوجه والذي قبله أعني استحقاقه للحمد على أفعالنا باعتبار التمكين يحمل ما ورد في بعض الأحاديث مما يقتضي الاستغراق نحو: «اللهم لك الحمد كله»، وقد تقدم عن السهيلي أن الحمد لا يكون إلا لله، لكنه بناه على كون الحمد لا يصدر إلا عن علم لا ظن، وقد رد عليه السبكي بقول عائشة: أحمد الله لا أحمدك، وقول ابن عباس في تفسير المقام المحمود، وقد مر قال: ولا أدري كيف استخرج السهيلي من الشرطين الذين ذكرهما كون الحمد لا يستعمل لغير الله، فإن صفات النبي ÷ صفات كمال يصدر كثير من ذكرها عن علم لا ظن؛ ثم إن السبكي حكى عن سيبويه أنه قال في باب ما ينتصب على المدح: إن الحمد لا يطلق تعظيماً لغير الله، وذكر في باب آخر أنه يقال: حمدته إذا جزيته على حقه.