المسألة السادسة [الجواب على الرازي في قوله بعدم وجوب الحمد]
  الثاني: أنه لا يمكنه الحمد والشكر إلا بأقدار الله، وخلق الداعية في قلبه، وإزالة الموانع، وكل ذلك إنعام من الله تعالى، فعلى هذا لا يمكنه الشكر إلا بواسطة نعم عظيمة من الله، وتلك النعم يجب الشكر عليها، وعلى هذا التقدير فالعبد لا يمكنه القيام بالشكر إلا عند الإتيان به مراراً لا نهاية لها، وذلك محال، والموقوف على المحال محال، فثبت امتناع الإتيان بحمد الله وشكره على ما يليق به.
  الثالث: أن الحمد والشكر ليس مجرد قولك: الحمد لله بل هو علم المنعَم عليه بأن المنعم متصف بصفات الجلال والكمال، وجلال الله وكماله أعلا وأجل من أن يحيط به العباد علماً، وإذا كان كذلك امتنع كون الإنسان شاكراً.
  الرابع: أن هذا الشكر لا ينبغي أن تقابل به النعم الجسيمة، ولذا قيل: من اعتقد أن حمده يساوي نعم الله فقد أشرك. ولهذه الوجوه ثبت أن الحمد غير مأمور به؛ إذ لو كان مأموراً به مع عجز العبد عن الإتيان به على ما يليق بالله تعالى لكان تكليفاً لما لا يطاق. قال: فلهذه الدقيقة لم يقل: احمدوا الله بل قال: الحمد لله لأنه لو قال: احمدوا الله فقد كلفهم ما لا يطاق، أما لما قال الحمد لله كان المعنى أن كمال الحمد حقه وملكه، سواء قدر الخلق على الإتيان به، أو لم يقدروا عليه.
  والجواب: أما وجوب شكر المنعم فقد ثبت عقلاً وشرعاً، أما ثبوته عقلاً فالأدلة عليه كثيرة وقد تقدم بعضها، ومقتضى كلام أصحابنا