قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  وكلفنا من الشكر على قدر قوتنا وطاقتنا، وهذا هو محض العدل والكرم، فنكون مكلفين بشكره الواجب علينا لا بما تقتضيه عظمته وكثرة نعمه.
  وعلى هذا يحمل ما تقدم من قول علي #: حمداً يكون لحقه قضاءً ولشكره أداءً، فإنه إنما أراد به القضاء لحقه، والأداء لشكره الواجبين علينا وهما ما نستطيعه، وكذلك الأحاديث الدالة على أن الحمد وفاء لشكر كل نعمة، فليس المراد إلا أنه وفاء بالشكر الواجب علينا، على أنه قد روي ما يدل على أن الشكر يكون أفضل من النعمة، فعلى هذا يكون وفاءً بالشكر على قدر النعمة وزيادة، وهو ما أخرجه البيهقي بسند حسن عن أنس قال رسول الله ÷: «ما أنعم الله على عبده نعمة فقال: الحمد لله إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذه»، ونسبه في الجامع الصغير إلى ابن ماجة.
  وأخرج البيهقي في الشعب عن جابر، قال: قال رسول الله ÷: «ما من عبد ينعم الله عليه بنعمة إلا كان الحمد أفضل منها».
  وأخرج البيهقي في الشعب، وعبد الرزاق عن الحسن، قال: قال رسول الله ÷: «ما أنعم الله على عبد نعمة يحمد الله عليها إلا كان حمد الله أعظم منها كائنة ما كانت».
  وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس، قال: قال رسول الله ÷: «لو أن الدنيا كلها بحذافيرها في يد رجل من أمتي ثم قال: الحمد لله لكان الحمد أفضل من ذلك».