مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة [الجواب على الرازي في قوله بعدم وجوب الحمد]

صفحة 574 - الجزء 1

  في نقل الخلاف، وقال بعد هذا: إن أهل العلم افترقوا فريقين:

  الفريق الأول قالوا: لا يجوز من الله أن يأمر عبيده بأن يحمدوه، ثم احتج لهم بوجوه:

  أحدها: أن ذلك الحمد إما أن يكون لأجل إنعامه عليهم أو لا، الثاني باطل لأنه إتعاب للغير بلا فائدة وذلك ظلم، والأول باطل أيضاً لأنه يقتضي طلب المكافأة، وذلك يقدح في كمال الكرم فإن الكريم لايطلب المكافأة.

  الوجه الثاني: أن الاشتغال بالحمد عبث لأنه إتعاب للحامد بلا فائدة للمحمود لأنه كامل لذاته، والكامل لذاته يستحيل أن يستكمل بغيره.

  الثالث: أن الأمر به يقتضي المعاقبة على تركه لأنه ترك الواجب، وقد ثبت عدم النفع فيه لا للحامد ولا للمحمود، والحكيم الكريم لا يليق منه الأمر بما يؤدي إلى العقاب الأليم، فثبت بهذه الوجوه أن الحمد لا يكون مشروعاً.

  الفريق الثاني: قالوا الاشتغال بالحمد سوء أدب الحقارة حمدهم بالنظر إلى نعم الله، ولأنه لا يتأتى إلا مع استحضار نعم الله بالقلب، وذلك يمنع من الاستغراق بمعرفة المنعم مع ما في ذلك من عدم الإخلاص إذ كون الشكر لأجل النعمة يدل على أن المقصود بالشكر الفوز بها، فيكون معبوده ومطلوبه في الحقيقة هو النعمة التي فيها حظ نفسه.

  والجواب: أنه قد ثبت وجوب شكر المنعم عقلاً، وقد مر تقريره في المقدمة.