مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة [الجواب على الرازي في قوله بعدم وجوب الحمد]

صفحة 573 - الجزء 1

  فلا شك أنا لا نقدر على شكر كل نعمة بشكر يخصها، وبهذا يظهر لك أنه لا معارضة بين هذه الأحاديث، وكلام⁣(⁣١) العلماء ¤. ومما يدل على أنه لا يمكن الوفاء بالشكر أنه قد قيل: إن الطاعات كلها شكر، وفي جملتها أن لا يعصى الله، والمعلوم من حال البشر أن أحداً منهم لا يخلو عن معصية على اختلاف أنواعها⁣(⁣٢) ومن عصي الله أي معصية فقد أخل بالشكر حال تلبسه بالمعصية قطعاً، وقد أخبر الله بتلبس البشر بالمعاصي في قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}⁣[فاطر: ٤٥] ولفظ الناس عام يدخل فيه كل إنسان حتى الأنبياء، ويؤكد دخولهم في العموم الآيات الدالة على وقوع المعاصي منهم، فصح أن الإتيان بالشكر التام غير واقع. والله أعلم.

تنبيه [معنى نفي المجبرة للحمد عقلاً]

  اعلم أن ظاهر ما حكاه القرشي وغيره من أصحابنا أن المجبرة إنما ينفون وجوب شكر المنعم عقلاً أي أن العقل لا يدرك وجوبه، فأما وجوبه شرعاً فهم لا يخالفون فيه، وظاهر كلام الرازي السابق أن الشرع لا يوجبه فقد خلط في المسألة فتارة يقول: إن الأمر به يؤدي إلى التكليف بما لا يطاق كما مر، وقال تارة أخرى: إن الناس اختلفوا في أن وجوب شكر المنعم ثابت بالعقل أو بالسمع، وهذا هو الصواب


(١) على أن الأخبار ليست صريحة في إمكان الوفاء بالشكر وإذا لم تكن صريحة في ذلك لم يرد هذا السؤال. تمت مؤلف.

(٢) في الصغر والكبر. تمت مؤلف.