قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  وهو ترك القبيح بثبوت هذه العلة، وهي العلم بالقبيح، والاستغناء عنه مع العلم بالاستغناء، وهذه هي طريقة الدوران وهي لا تفيد العلم لعدم اطرادها، وبيانه أن احتراك المحترك يدور على كونه متحيزاً وجوداً وعدماً، والتحيز ليس بعلة الاحتراك.
  والجواب: أنا إذا علمنا أن الحكم لا بد له من علة، ووجدناه يثبت بثبات أمر، وينتفي بانتفائه، ولم يكن هناك ما تعليق الحكم به أولى، فإنا نقطع بأن ذلك الأمر هو المؤثر في ثبوت الحكم، ومنه ما نحن فيه، فإنا نعلم أن أحدنا إذا اجتمعت فيه هذه الأوصاف فإنه لا يختار القبيح، وإن عدم ما عدم وإن انخرم وصف منها جاز أن يختاره وإن وجد ما وجد، فصح أن هذا الحكم موقوف على هذه العلة؛ إذ ليس هاهنا ما تعليق الحكم(١) به أولى، وبهذا تعلم أن تحقيق الاعتراض باحتراك المتحرك لا يصح؛ لأنه وإن كان يثبت بثبوت التحيز، وينتفي بانتفائه، فثمة ما تعليق الحكم به أولى بدليل أنا نعلمه متحيزاً، ولا نعلمه متحركاً، فلم يدر العلم بالاحتراك على العلم بالتحيز.
  الاعتراض الثالث: أن هذه العلة مركبة، والعلل لا يصح فيها التركيب.
  والجواب: أنا إنما نمنع من تركيب العلل حيث هي موجبة، فأما حيث هي كاشفة(٢) فلا مانع من تركيبها، ولهذا عرفنا الظلم بكونه ضرراً لا نفع فيه إلى آخره.
(١) وهو الحركة. تمت مؤلف.
(٢) كأنْ تكون باعثة أو أمارة. تمت مؤلف.