قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  قيل: لا بل يعتبر الداعي دون المرجح، فلو دعا الداعي إلى أحد المستويين فقد حصل ترجح أحدهما لا بعينه، فيفعل أحدهما لأجل الترجح الأصلي، ولا يفتقر إلى مرجح للذي اختاره بعينه كما مر في مسألة الرغيفين.
  فإن قيل: إذا كان الله تعالى قادراً على فعل القبيح لغير داعٍ، فلا سبيل إلى القطع بأنه لا يفعله، فإن قلتم: الحكمة تصرفه فأنتم الآن في الاستدلال عليها فيلزمكم الدور.
  قيل: هذا السؤال غير لازم؛ لأنه وإن كان قادراً على فعله فنحن نقطع بأنه لا يفعله لغير داع رداً إلى ما علمناه ضرورة في الشاهد.
  فائدة: في كلام بعض قدماء الأئمة $ ما يقتضي المنع من إثبات الداعي في حق الله تعالى.
  الاعتراض السادس: إذا كان من اجتمعت فيه هذه الأوصاف لا يفعل القبيح، فهو يقتضي أن العاقل لا يفعل العبث لعلمه بقبحه، واستغنائه عنه؛ لأن الفرض أنه عبث لا فائدة فيه، فيلزم أن لا يتصور وقوعه من مكلف، وحينئذٍ لا يكون لعده من القبائح وجه؛ لأن الفرض أنه مستحيل الوقوع إذ لا داع إليه على أصلكم.
  الجواب: أن كلام أصحابنا في ذلك على سبيل الفرض والتقدير، أي لو قدرنا وقوعه من المكلف، وأما وقوعه تحقيقاً فلا ثبوت له، ذكر هذا بعضهم.