مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 597 - الجزء 1

  والجواب: أنه غير مبني على ذلك، بل على علمه بالقبيح واستغنائه عنه، وإنما قيل: بأن الفعل لا يوجد إلا لداع لما علم ضرورة من أن العالم المميز لفعله لا يفعل إلا لداع وإن كان قادراً عليه من دونه، وذلك الداعي هو علم الحي، أو ظنه بأن له في الفعل نفعاً أو دفع ضرر، أو كونه إحساناً، أو داعياً إلى إحسان؛ والعلة في الاحتياج إلى الداعي إن ترجيح الفعل على تركه أمر حادث على سبيل الجواز، فلا بد من مؤثر في ذلك الترجيح، والقادرية لا تؤثر إلا في الوجود، والترجح أمر اعتباري لا وجود له في الخارج، وهو أولوية إيجاد الفعل وليس الترجح الإرادة، بل هو باعث عليها، وليس هو الداعي لأن العلم أو الظن ليس نفس الترجح، بل هو المؤثر في ترجح الفعل أي المقتضي له، فثبت أن العالم المميز لفعله لا يفعل إلا بعد ترجح الفعل على الترك، وأنه لا ترجح إلا عن داع، فلما كان الباري تعالى عالماً مميزاً لفعله، قيل: إنه لا يفعل إلا عن ترجح، ولا ترجح إلا لداع، ولا داعي له إلى القبيح، وإنما قيل بهذا في حقه تعالى رداً إلى ما علم في الشاهد ضرورة، وبهذا يظهر لك أن القول بالداعي ليس مبنياً على القول بالعدل، وإنما هو مبني على أن الفعل لا يقع إلا لمرجح، سواء كان الفعل حسناً أو قبيحاً، لكن لما كان لا داعي للباري تعالى إلى فعل القبيح لما مر، قيل: إنه لا يفعله على معنى أنها لا تحصل في حقه تعالى أولوية فعله على تركه التي هي مقتضاة عن الداعي، فتأمل.

  فإن قيل: فهل تقولون باعتبار المرجح مع الداعي كما قال أبو الحسين؟