قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  الثاني: ذكره الإمام عز الدين # وهو أنه لم يقبح لمجرد نهي صاحب الدار، بل لأن الشارع نهى عن التصرف في ملكه بغير رضاه، ونهيه قد كشف عن عدم الرضا، فيكون ذلك مما نهى عنه الشرع.
  قلت: وإنما رجح الإمام # هذا الوجه على الأول؛ لأنه يقبح دخول الدار، وإن فرض عدم الضرر فيه.
  واعلم أن لنا أصلاً قد تقرر، وهو أن الله تعالى عدل حكيم لا يفعل شيئاً من القبائح فما لم يظهر لنا وجه الحكمة فيه من أفعاله تعالى رددناه إلى هذا الأصل، وذلك كاف إذ لا نحتاج إلى معرفة وجه الحكمة على التفصيل، وقد ذكر نحو هذا القاسم بن إبراهيم، والسيد مانكديم، والمنصور بالله $ وغيرهم من أصحابنا.
  وأما الوجه التفصيلي وهو الجواب عن كل واحد من هذه الأمثلة على انفراده، واعلم أنها مما ينبغي إمعان النظر في تحقيق الجواب عنه، وذلك لا يكون إلا بذكر ما يتوقف صحة الجواب عليه من إثبات كونه تعالى حكيماً، وأنه لا يفعل إلا لحكمة؛ لأن هذه الأمثلة وما شابهها قد يتسارع العقل في الظاهر، وبادي الرأي إلى إنكار مثل هذه الأفعال، واستشكال وجه الحكمة فيها، أما تكليف من علم منه الاستمرار على الكفر فظاهر، وأما أصل التكليف فلما فيه من إلزام المشاق مع إمكان النفع، ودفع الضرر من دونه، ولما فيه من بعث دواعي القبيح، والصرف عن الواجب، وذلك قد يتخيل أنه كالإغراء بالقبيح وترك الواجب، إلى غير ذلك مما لا يتجلى إلا ببحث وتدقيق،