مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 636 - الجزء 1

  بغير الفعل فيكون الفعل غنياً عن الغرض أو كان حصول الغرض مشروطاً بالفعل، وذلك باطل؛ لأن أكثر الأغراض لا تحصل إلا بعد انقضاء الأفعال التي تفعل لأجلها، وحصول الغرض بعد عدم الفعل يمنع كونه شرطاً.

  وأجيب بأنا لا نسلم أن تأخر الغرض عن الفعل يمنع كونه شرطاً؛ إذ لا يمتنع ترتب حصول الغرض على أمر معدوم حال حصول الغرض، ألا ترى أن الغرض بالرمي الإصابة، وحال الإصابة قد عدمت الوسائط وهي الاعتمادات مع كونها شرطاً في الإصابة.

  واعلم أن ظاهر كلام الرازي أن الفعل لا يقع إلا لمرجح شاهداً وغائباً، وهو يوافق أن قادرية القديم تعالى غير موجبة للفعل، وعلى هذا فلا يصح أن يختار الفعل في وقت دون وقت إلا لمرجح غير المؤثر في الإيجاد وهو القادرية، وذلك المرجح هو الذي أردناه بالغرض، فصح أنه لا يفعل إلا لغرض عندنا وعنده، فكيف يحكم باستحالته عليه تعالى، اللهم إلا أن يخرج عن هذا المذهب في هذا الموضع كما خرج عنه حيث ألجأته الضرورة بشبهة الفلاسفة في قدم العالم إلى الخروج عنه، فالتزم صحة وقوع الفعل لا لمرجح، وهذا دأبه بينما تراه يقرر أدلة بعض المسائل، ويهذبها، ويقويها، ويبطل ما خالفها، فإذا أعيته شبهة للفلاسفة أو غيرهم أبطل ما قرر، وصحح ما أبطل، شأن من لم يجعل نظره لمجرد معرفة الحق.