مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 640 - الجزء 1

  وعطيتهم من الحكمة؛ إذ لم يدعهم به إلا إلى الإحسان، فلما كان ذلك كذلك كان الله حكيماً بأمره ونهيه.

  قال الملحد: إن الله يعلم ما هم صائرون إليه، ونحن لا نعلم ذلك.

  قال القاسم #: إن الجهل والعلم لا يحسن الحسن، ولا يقبح القبيح، وذلك أنه لو كان حسناً لأن الآمر به يعلم أنه يفعله لكان قبيحاً إذا كان الآمر منا بما يصير إليه المأمور جاهلاً، ولما لم يكن ذلك قبيحاً لجهل الآمر؛ لأنه أمر بالحسن، ودعا إلى الحسن، وإن كان جاهلاً بما يصير إليه المأمور، أو عالماً وشيء آخر وهو أنه لو كان الامتحان قبيحاً إذا علم أنه يعصي لكان لا شيء أقبح من إعطاء العقل؛ لأنه إنما يعصي عند وجوده، ويستحق الذم والمدح به، فلما كان إعطاء العقل عند الأمم كلها موحدها وملحدها حسناً دل ذلك على أن الامتحان والخلق والأمر بالحسن كله علم أنه يعصي أم يطيع.

  وقال المنصور بالله: لم يختلف أحد من العقلاء أن خلق الإنسان حياً سوياً عاقلاً من أكمل النعم، وما اختلف في ذلك مسلم يقر بالصانع، ولا كافر ناف له أن خلق العقل من أجل النعم، قال: وقد ثبت أن بعد كمال العقل لا بد من واجبات عقلية يجمع على وجوبها المسلم والكافر، كقبح الظلم، ورد الوديعة، وقضاء الدين، وشكر المنعم إلى غير ذلك، والواجبات الشرعية لطف فيها، واللطف يجب فعله لأن تركه ينقض غرض الأمر والناهي، وذلك لا يجوز فلا بد