قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  والقبح، ففعلي حسن لسلامته من وجوه القبح، وإنما القبيح فعله لقبلنا ذلك منه.
  فإن قيل له: إنك عرضته لمضرة لولا إحسانك لم تحصل مع علمك بذلك، فقال: بل عرضته لمنفعة، ومكنته من الاحتراز عن الضرر الذي فعله بنفسه غاية التمكين، وانظروا لفعلي، والحال هذه فإنكم لا تجدونه إلا حسناً؛ إذ لا ينكر حسن التكرم والإحسان، لا سيما مع تمكنه من الاحتراز عن الضرر، فإنا نقبل ذلك منه، والحاصل أن إكرامه مع تمكنه من الاحتراز عن الضرر يصير المنفعة كالخالصة؛ لأن الضرر الذي يمكن دفعه، ولا يتعذر بوجه يصير في منزلة عدم الضرر، وإنما أتي من سوء اختياره، وبقي الإحسان إحسانا على وجهه.
  وعلى الجملة فإنه لا يجوز القول بقبح ما ظاهره الإحسان إلا إذا عري عن الغرض، أو قصد به حصول القبيح، فأما إذا عري عن هذين الوجهين فإنه لا وجه يقتضي قبحه، ولكنه قد يخفى وجه الحسن مع عدم التأمل كما بينا، فتأمل ترشد.
  وبما حررنا في جواب هذه الأمثلة تنجلي الشبهة الأولى.
  وأما قولهم بعد إيراد الأمثلة: فلو كان القبح يرجع إلى ذات الفعل ... إلخ فجوابه: أنا قد بينا بالأدلة القاطعة أن القبح يرجع إلى ذات الفعل، وأوضحنا الفرق بين أفعال الله، وأفعالنا التي أوردوها في هذه الأمثلة، وقررنا وجه حسن أفعال الباري، وقبح ما زعموا أنه نظير لها من أفعالنا بما يعلم معه أن اختلافها في الحسن والقبح ليس