مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السابعة [استطراد لذكر الحسن والقبح العقليين]

صفحة 650 - الجزء 1

  الظن، والنظر في الأمارة يستحيل منه تعالى؛ إذ من حق الناظر الشك والتجويز، وهو تعالى عالم لذاته، فلو فعل الظن لفعله لا عن أمارة، والظن الصادر لا عن أمارة قبيح؛ إذ لا فائدة فيه، ولا ثمرة تحته، سواء أوجده تعالى لنفسه، أو أوجده فينا، أما الأول فلأنه لا بد من التجويز في الظن، وقد بينا أنه لا يجوز على الله التجويز؛ إذ لا ينتفي عنه العلم بحال، فصح أنه لا يجوز على الله الظن لانتفاء الأمارة، وأنه لو أوجده لنفسه من دونها لكان عبثاً فيقبح.

  وأما الثاني: وهو أنه يقبح إيجاده فينا، فلأنه إما أن يكون عن أمارة فقد مر أنه لا يجوز على الله التجويز، أو من دونها كان عبثاً.

  قال الإمام (عز الدين) #: كيف يتصور احتجاجهم هذا وهم يقولون إنه لا يقبح من الله شيء لعدم نهيه، وأي دلالة في هذا على أن القبيح يقبح للنهي عنه، وهذا إشكال ظاهر.

  قال #: ولعلهم أتوا بهذه الشبهة توصلاً إلى بطلان قولنا، كأنهم قالوا: إذا كان القبيح يقبح لوجه يقع عليه، فلم قضيتم بقبح الظن من الله تعالى دوننا مع أن الوجه قد حصل في الموضعين؟

  قلت: هذا هو الظاهر في هذه الشبهة وغيرها من الشبه والإلزامات، فإنهم إنما يوردونها على جهة الإلزام لنا، والنقض لعللنا.

  هذا وأما شبههم السمعية، فمنها ما سيأتي في موضعه، ومنها قوله: الحمد لله، وقد مر وجه الاستدلال بها عندهم في صدر المسألة.