قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  أنه لا يؤمن الإقدام على القبيح، وهو الحكم بالطهارة من كل ذنب مع تجويز خلافه، بل مع العلم بخلافه على الجملة، والإقدام على ما لا يؤمن قبحه قبيح، ويؤيد هذا أن مدح الإنسان نفسه على بعض الجزئيات التي يقطع بها لا يقبح، فقد مدح النبي ÷ نفسه بالأمانة لما قال له المنافقون: إعدل في القسمة، ومدح أمير المؤمنين # نفسه في مواضع مذكورة في نهج البلاغة وغيره، ويكفيك حديث المناشدة، وكذلك الأئمة والعلماء.
  وعلى الجملة إن مدح الإنسان نفسه ليس منهياً عنه على الإطلاق، بل لوقوعه على وجه، وسيأتي الكلام على ما يجوز منه، وما لا يجوز في موضعه إن شاء الله، فليس هذا موضع ذكره، وإنما غرضنا هنا رد الشبهة، فهذه شبهة أهل القول الأول من المجبرة.
  القول الثاني للجهمية، والشبه التي استندوا إليها كشبه الأشاعرة، إلا أنهم يجعلون كوننا مملوكين مربوبين، موضع كوننا مأمورين منهيين، والجواب الجواب، ويزيده توضيحاً أنه يعلم القبح من لا يعلم كوننا مربوبين كالملاحدة، وأيضاً فإن حالنا مع الظلم ونحوه كحالنا مع العدل ونحوه، فيجب أن لا يحسن منا فعل البتة لاستمرار علة القبح.
  واعلم أن أصحابنا يجعلون هذا قولاً مستقلاً منفرداً عن الأول، ويفردونه حكاية، واستدلالاً، ورداً.
  قال الإمام المهدي #: والأقرب أنه من تمام القول الأول، وليس مستقلاً؛ لأن الأولين لا يقولون بأن الفعل يقبح لمجرد النهي،