قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  ببحث خاص يتبين به وجهه، واختلاف الناس فيه، فنقول: قد دل قوله: الحمد الله على أن أفعال الله تعالى كلها حسنة؛ إذ لا يحمد فاعل القبيح، وقد مر أن الحمد لا يكون إلا على الحسن، ولا خلاف في أن أفعال الله تعالى كلها حسنة، وإنما اختلفوا في وجه حسنها، فقالت العدلية: يحسن الفعل منا ومن الله تعالى لوقوعه على وجه، ثم اختلفوا في تعيين الوجه، فقال أئمتنا $، وأبو عبد الله البصري وغيرهم: هو تعريه عن وجوه القبح؛ إذ لا واسطة بين القبيح والحسن، هذه حكاية الأساس عن من ذكر؛ والذي حكاه النجري عن أبي عبد الله البصري أنه إنما يحسن للتعري المذكور، ولحصول غرض فيه، قال: واختاره أكثر المتأخرين.
  قلت: ورواه القرشي عن الجمهور، وأقره الإمام عز الدين #، وقال أبو علي، وأبو هاشم: بل وجهه كون فيه جلب نفع، أو دفع ضرر، إما للنفس، أو للغير.
  قال الإمام عز الدين #: هذا هو الوجه عندهما فيما عرف فيه ذلك، وأما نحو الصدق الذي لا نفع فيه ولا دفع، فحسن عندهما لكونه صدقاً، وكذلك الأمر بالحسن والنهي عن القبيح، فحسن لكونه أمراً بالحسن، ونهي عن القبيح.
  وحكى في (الأساس) عن البغدادية والمجبرة جميعاً أنه إنما يحسن منا لإباحة الشارع، أما البغدادية فلأن الأصل في الأفعال الحظر، وأما المجبرة فلأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه، فيحتمل رضاه فيحسن، ويحتمل عدمه فيقبح، ولذا توقفوا، وقد مر الجواب عليهم في المقدمة.