قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  وأما البغدادية فلم يحك هذا عنهم إلا في الأساس، وقد عرفت مما مر أنه لا يقول إن الأصل في مطلق الأفعال الحظر إلا بعضهم، وأن ذلك ليس إلا فيما ليس له جهة محسنة، ولا مقبحة ظاهرة لا في مطلق الفعل.
  قال الشرفي: لأنهم لا يخالفون في أن ابتداء الإحسان، وصنائع المعروف حسنة بحكم العقل من غير نظر إلى إذن الشرع وإباحته.
  قلت: وظاهر حكاية الإمام القاسم # عنهم هنا، وفيما سبق أنهم يقولون بما حكاه مطلقاً وهو وهم، فتأمل.
  نعم وأما في أفعال الله تعالى فهم موافقون في أن وجه حسنها تعريها عن وجوه القبح.
  إذا عرفت هذا فاعلم أنه قد قيل: إن الخلاف بين الجمهور والشيخين لفظي.
  قال الإمام عز الدين #: قيل وكلامهم جميعاً متقارب، مع اتفاقهم على أنه متى حصل وجه قبح مع وجه الحسن أن الحكم يكون له ويقبح، ولا يعتبر حصول وجه الحسن فيه.
  قلت: وبما ذكره # من الاتفاق يبطل ما اعترض به الجمهور على الشيخين من أنه يلزم حسن الكذب الذي فيه نفع أو دفع، وكذا إلزامهما كون الفعل حسناً قبيحاً عند اجتماع وجهي الحسن والقبح، كالكذب النافع.