مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 697 - الجزء 2

  قالوا: بل لعدم الداعي، ولكن جواب المهدي بقوله: قلنا إنما منعت منه الحكمة يدل على أن المقصود بالأكثر من عدا أبي الحسين، أو أن كلام أبي الحسين راجع إلى هذا القول.

  هذا ما أمكن تحريره في نقل الخلاف، وعليك بالتثبت في نقل الخلاف، فربما نسب إلى بعض العلماء ما يقتضي كفره وهو بريء منه، فإذا عرفت هذا فلنأخذ في أدلة هذه الأقوال فنقول: احتج القائلون بأنه يقدر عليه لولا منع الحكمة بأدلة:

  أحدها: أنه من جنس المقدورات، وقد ثبت أنه قادر لذاته فيقدر على جميع أجناس المقدورات؛ إذ لا اختصاص لذاته بمقدور دون مقدور، فيصح منه فعل القبيح من حيث القدرة، ويستحيل منه من حيث الحكمة، ولا تناقض لاختلاف الجهتين.

  الدليل الثاني: أنه قد ثبت أن الله تعالى قادر على أن يخلق فينا العلم الضروري، فيجب أن يكون قادراً أن يخلق بدله الجهل؛ لأن من حق القادر على الشيء أن يكون قادراً على جنس ضده إذا كان له ضد، والجهل قبيح.

  الدليل الثالث: أن ما من فعل إلا وكما يصح أن يقع على وجه فيحسن يصح أن يقع على وجه آخر فيقبح، فإذا قدر القادر على إيقاعه على أحدهما قدر على إيقاعه على الآخر؛ لأن القدرة إنما تعلق بالإيجاد والإحداث دون وجوه الأفعال، وأيضاً لا تأثير لاختلاف وجود الأفعال في قدرة القادر، يبين ذلك أن أحدنا كما يقدر