قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  والحاجة أم لا، فلا يصح الامتناع من الجواب لما ذكره أبو الحسين، قيد سؤاله بما يحيل الأمرين عند ذلك التقدير صح الامتناع لفظا ومعنى؛ لأنه يعود على ذلك التقدير، والقيد بالنقض كأن يقال: لو وقع الظلم من حكيم هل كان يدل على الجهل والحاجة أم لا، فيكون لنا أن نقول لا يدل، ولا لا يدل، لأن قولك يحيل الجهل والحاجة لأنه معهما لا يكون حكيماً، وأنت فرضته حكيماً، وقولك: وقوع الظلم. يمنع قولنا: لا يدل. لأن الظلم يدل عليهما، وصار الحال في هذا كما لو قيل: لو قدرنا اجتماع الضدين في محل هل يتنافيان أم لا؟ فإنه يقال: لا يصح القول بتنافيهما؛ لأنه يعود على تقدير اجتماعهما بالنقض، وأنت فرضت اجتماعهما، ولا يصح القول بعدم تنافيهما، لأنه يعود على كونهما ضدين بالنقض وأنت فرضتهما ضدين، فكل سؤال هذا حاله فإنه يعود على التقدير والقيد بالنقض وإذا زال التقدير والقيد زال الإشكال من أصله.
  الجهة الثالثة: ما ذكره بعضهم وهو أن وقوع الظلم من جهته تعالى لا يدل على الجهل والحاجة؛ لأن شرط دلالته على ذلك أن يصح الجهل والحاجة على فاعله، والباري تعالى عالم غني لذاته، واعترض بأنه يلزمه أن لا يجد دليلا على أن الله لا يفعل القبيح؛ لأنه لا دليل على ذلك إلا أنه لو فعله لكان جاهلاً لقبحه ومحتاجاً إليه، وإذا كان قد زعم أنه تعالى لو فعل القبيح لم يدل على جهله وحاجته انتقض الدليل، وبطل التعليل، فإن قيل: إنه حكيم والصوارف متوفرة، قيل: إذا كانت الحكمة والصوارف تصرف عن القبيح لا محالة كان وقوعه دليلا على زوال تلك الصوارف، فتلزم دلالته على الجهل والحاجة.